آخر الأخبار
8 يوليو 2025, الثلاثاء

لبنان على فوهة ثلاث جبهات و أمام إحتمال الإنفجار الكبير … ضغوط داخلية و إسرائيلية و حشود قوقازية على حدوده الشرقية لبدء ” خطة التطويق “

تتزايد المؤشرات على أن لبنان مقبل على مرحلة شديدة الحساسية، مع تزايد الحديث عن ضغوط عسكرية متزامنة من ثلاث جبهات: تهديدات إسرائيلية مباشرة، حشود مريبة على الحدود مع سوريا، وابتزاز سياسي داخلي يفتح الباب واسعاً أمام فرض تسوية جديدة بقوة الأمر الواقع.

التسريبات تتحدث عن ضغوط غير مسبوقة تُمارس على لبنان لدفعه نحو القبول بورقة مطروحة من الجانب الأميركي، مقابل «ضمانات» بانسحاب إسرائيلي جزئي من نقاط حدودية. في المقابل، يُفترض أن يُقر مجلس الوزراء قراراً بحصرية السلاح بيد الدولة، وهو ما لم يحصل حتى الساعة.

التهديدات الإسرائيلية لم تعد مجرّد تكهّنات. فالمعطيات المتداولة تؤكد وجود سيناريوهات لعملية جوية واسعة قد تطال الضاحية الجنوبية، البقاع، وربما العاصمة بيروت، في حال لم تتم الاستجابة السياسية للمطالب الأميركية. هذا النوع من التصعيد بات يُستخدم ضمن أدوات الضغط الميداني – السياسي، في محاولة لفرض اتفاق جديد بديلاً عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه أواخر العام الماضي بعد معارك الجنوب.

هذا الاتفاق، الذي تضمن وقفاً لإطلاق النار وشروطاً متبادلة، تسعى إسرائيل اليوم إلى نسفه بالكامل، عبر «ورقة» تبدو ظاهرياً تقنية، لكنها في مضمونها تعيد رسم قواعد الاشتباك من دون أي التزام مسبق من تل أبيب.

في الجهة الشرقية، لا تقلّ الصورة خطورة. فقد برزت في الأيام الأخيرة معطيات تشير إلى وجود تحركات عسكرية علنية على الحدود السورية – اللبنانية. هذه الحشود، وإن لم يتم تأكيدها رسمياً، يتم التحدّث عنها على نطاق واسع، و بحسب معلومات موقع بنت جبيل من مصادر امنية يُخشى أن تكون جزءاً من خطة تطويق ميدانية تستهدف الجبهة الداخلية اللبنانية من أكثر من محور.

الهدف، بحسب المعلومات المتقاطعة، هو الضغط من الشرق بالتوازي مع الضغط الجنوبي، وخلق واقع أمني هشّ يسمح بفرض إملاءات خارجية تتعلق بالمقاومة وسلاحها وحدود انتشارها.

في موازاة ذلك، يتحرّك الضغط من الداخل في اتجاه ثالث. فهناك إصرار على إقرار قرار رسمي بحصرية السلاح في مجلس الوزراء، كشرط مبدئي للشروع في تنفيذ تفاهمات ما بعد الورقة الأميركية. في المقابل، يُهدّد بعض الوزراء بالاستقالة إذا لم يُقر القرار، في مشهد ينذر بتفجير الحكومة من الداخل في حال عدم التوافق.

في هذا السياق، يُنقل أن القوى الدولية، وخصوصاً واشنطن، تمارس ضغطاً زمنياً على لبنان، وتطرح مهلاً محددة قد تصل إلى نهاية تموز الجاري. هذا النوع من الابتزاز السياسي – الزمني قد يؤدي إلى انفجار داخلي في ظل الانقسام الحاد بين المكونات اللبنانية حول ملف السلاح ودور المقاومة.

بموازاة ذلك، تبرز مؤشرات على أن المقاومة، وبدلاً من التورط بردود مباشرة، تُعيد بناء قدراتها تحسّباً لأي تصعيد محتمل على كل الجبهات. فالتأكيد على الجهوزية لا يعني بالضرورة الرغبة في الحرب، لكنه يشير بوضوح إلى الاستعداد لخوضها إذا فرضت الظروف ذلك.

وفي الوقت الذي يتّهم فيه البعض المقاومة بالمماطلة أو بالرهان على المتغيرات الإقليمية، لا تُخفي الأخيرة أنها سلّمت للدولة مسؤولية إدارة المشهد السياسي منذ 27 تشرين الثاني، وتترقّب الخطوة التالية من مجلس الوزراء واللجنة الرئاسية التي تتولى دراسة الورقة الأميركية.

في خضمّ هذا التصعيد المتعدّد الوجوه، تبرز معطيات لا تقلّ خطورة عن التهديدات المباشرة، وتتعلق تحديداً بما يُحكى عن تورّط محتمل لفصائل مقاتلة، كالإيغور والشيشان و ميليشيات قوقازية وكذلك مئات العناصر تابعة للنظام السوري الحالي ، في سيناريوهات أمنية يجري التحضير لها على الحدود الشرقية.

هذه الجماعات، التي قاتل معظمها في إدلب وحلب تحت رايات جهادية عابرة للحدود، تُشير تقارير ميدانية إلى وجودها المتزايد في نقاط تماس قريبة من لبنان، وتُربط بشكل غير مباشر بترتيبات إقليمية تعمل على تسهيل تحرّكها، في إطار مشروع أوسع يهدف إلى ضرب لبنان ليس فقط عبر الطائرات والصواريخ، بل عبر الفوضى والاختراق البري.

وإذا صحّ هذا السيناريو، فإن إسرائيل لن تكون هذه المرة في واجهة الحرب وحدها، بل قد تستخدم واجهات “جهادية” لفتح جبهات غير تقليدية على لبنان، في استنساخ مكشوف لأساليب الحرب بالوكالة. وبهذا، تكون طبول الحرب لا تُقرع فحسب من الجنوب، بل من عمق جغرافي مذهل يمتدّ من إدلب إلى الداخل اللبناني… والآتي قد يكون أعقد بكثير مما يظهر على السطح.

*تُضاف إلى هذا المشهد المعقّد مخاوف جدّية من استغلال أي فوضى داخلية عبر تسريب عناصر أو خلايا متطرّفة متنكرة ضمن صفوف بعض النازحين السوريين، ما يفتح الباب أمام سيناريوهات أمنية يصعب احتواؤها لاحقًا.

وفي خلفية هذه التطورات، يكثر الحديث عن صفقة إقليمية غير معلنة، تقضي بفتح جبهة في لبنان مقابل تسوية سلام محتملة بين النظام السوري وإسرائيل، بما يعيد رسم خارطة التحالفات في المنطقة.*

في هذا السياق، برز تصريح لافت من توماس باراك للرئيس السوري أحمد الشرع، حين قال له: “أنت رئيس واحد لدولتين.” ورغم طابعه المجاملاتي، إلا أن هذا الكلام يُقرأ كجزء من مخطط سياسي أوسع لتكبير دور الشرع ومنحه غطاءً إقليميًا للعب دور مزدوج في سوريا ولبنان، تمهيدًا لاستخدام نفوذه في تنفيذ تفاهمات تتعلق بالمقاومة وسلاحها. المعطيات المتقاطعة تُشير إلى أن الهدف ليس فقط تعزيز صورة الشرع، بل استخدام سوريا كمنصة خلفية لنقل المعركة إلى الداخل اللبناني، وخلق واقع أمني ضاغط يسرّع في فرض نزع السلاح كأمر واقع، تحت عنوان “الاستقرار”، وضمن صفقة سلام إقليمية تدريجية قد تبدأ بين دمشق وتل أبيب، وتُستكمل لاحقًا على الساحة اللبنانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *